التفكير البصري «Visual Thinking»
كثيرا ما تتردد على مسامعنا عبارة «الصورة تساوي ألف كلمة» وتتجسد هذه العبارة عند ذوي الفنون الذين يركزون في عالمهم على الصور والرسومات، حيث كانت الرسوم الكاريكاتورية مهنة احترافية يعبر من خلالها الرسام عن أحداث وقصص، كذلك نجدها عند الخطاطين في مخطوطاتهم الفنية، حتى الثورة التكنولوجية اعتمدت عليها من خلال فن الإنفوجرافيك، ورموز الإيموجي التي تعطي تعبيرا ووصفا دقيقا لما تريد أن تذكره.
ومن هنا ظهر مصطلح «التفكير البصري» حيث أشارت الأدبيات إلى أن التفكير البصري نشأ في مجال الفن، فالفنان حينما يرسم لوحة، فإنه يرسل رسالة ما عبر هذه اللوحة، وعندما يعجب الشاهد بها فهذا يعني أنه فكر تفكيرا بصريا وفهم الرسالة المتضمنة باللوحة، ومن أشهر الرسامين الذين اعتمدوا هذا المنهج: فان كوخ وديفينشي.
وبنظرة للماضي، اتضح التفكير البصري في التصور الإسلامي من قصة قابيل عندما قتل هابيل، وعباس بن فرناس عند محاولته للطيران، حيث اعتمد التفكير البصري على ما شاهدوه بالعين، وما تم إرساله من شريط من المعلومات المتتابعة الحدوث إلى المخ، حيث قام المخ بترجمتها وتجهيزها وتخزينها في الذاكرة لمعالجتها فيما بعد.
يعتبر «Arnhiem» أول من استخدم مصطلح التفكير البصري متأثرا بنظرية الجشطالت، التي عُرفت بالاستبصار، مبيّنا أن الفرد يفكر بصريا قبل أن يتكلم شفويا، وأن من أهم مكونات التفكير البصري «الرؤية، الرسمة، التصور» الذي يحمله ذلك الشيء، كما يعتمد التفكير البصري على العديد من مهارات التمييز البصري كالتحليل، الربط، إدراك العلاقات المكانية، التفسير، والاستنتاج.
وقد أثبتت الدراسات أن التفكير البصري يساعد على اتخاذ أفضل القرارات، فالتفكير عملية تحدث داخل العقل الإنساني، تقوم بمعالجة أنواع من المعلومات داخل النسق المعرفي ويستدل عليه من خلال سلوك ينتج عنه حل مشكلة أو ما يتجه نحو الحل.
ومن عمليات التفكير اكتساب المعرفة وإنتاجها وتطبيقها، وتتضح أدواتها من خلال الصورة الذهنية واللغة التي تخاطب بها العقل، لذا فإن الثقافة البصرية ترتكز على التعلم والتفكير والاتصال البصري، ومن أهم مرتكزات شبكات التفكير البصري الإبصار والتخيل، كما يتضح التفكير البصري كثيرا في التمثيل المعرفي، الذي يظهر جليا في خرائط المعرفة أو خرائط التفكير.
قد أثبتت الدراسات أهمية التعلم البصري كنمط من أهم أنماط التعلم وفق نموذج فلمنج، لدوره الفعال في رفع الاستيعاب والتحصيل العلمي، وتطوير مهارات التفكير والتعلم والتفكير الناقد لدى المتعلمين.
إن التدريس بالتفكير البصري مطلب رئيس في التعلم، ويمكن توجيه المتعلمين فيه إلى تخصصات تركز على التفكير البصري كالهندسة، والتقنيات، والعلوم والفيزياء، وبعض التخصصات المهنية.
تعليقات
إرسال تعليق