سرطان الادارة بقلم الدكتورة أروى أخضر صحيفة آراء سعودية
الجميع يُدرك أن السرطان «cancer» هو مصطلح طبّي لورم ينمو بشكل غير طبيعي في الخلايا، ولديه القدرة على اختراق الأنسجة وتدميرها والانتشار بشكل سريع في كل الأجزاء السليمة.
علينا أن نتخيل لو كان هذا السرطان مستوطنا في إحدى الإدارات، لسبب انقسامات كبيرة بين الموظفين، ولكان المنبع الأساسي في التفريق بين الأشخاص، فهو يتنقل من مكان لآخر ثم ينمو نموا غير طبيعي، وغالبا ما يكون كامنا في بداية استيطانه بإحدى الخلايا، وأول من تنقاد له الخلايا الضعيفة لأنه يُسيطر عليها ثم يفتكها، ثم بعدها يبدأ في مهاجمة الخلايا المجاورة ويؤثر على الأجزاء السليمة فيها، وفي كل مرة يستهدف جزءا معينا من هذه الخلايا.
إن هذا السرطان الخبيث الذي يسكن الإدارة سرعان ما يفتك بها، ومهما حاولت معالجته أو البحث عن علاجات لإيقافه أو الحد من انتشاره فلن تفلح، وغالبا هو المنتصر في نهاية المطاف.
إن بقاء هذا الموظف الذي نسميه «سرطان الإدارة» له تأثير كبير على صحة الموظفين، وأي بيئة عمل قد يكون لديها مثل هذا السرطان، إذا لم تتخلص منه على الفور، سيبقى كامنا فيها إلى أن يجد بيئة خصبة لانتشاره، كما يُفسد التفاح الفاسد ما تبقى من التفاح الصالح.
كما أن تفشي هذا السرطان يجعل نسبة كبيرة من العاملين بالمنظمة يتسربون خوفا وهربا من أن يطالهم هذا المرض الخبيث، ويؤثر على صحتهم في البيئة المريضة، كم سمعنا عن تسرب ذوي الكفاءات من منظماتهم وتقديمهم للتقاعد المبكر، أو انتقالهم إلى بيئات صحية أخرى، كل ذلك يُحتم علينا قلع هذا الورم الخبيث من جذوره، واستئصاله من هذه المنظمة، خوفا من تأثيره الفتاك على بقية الأفراد العاملين.
ولكن ذلك لن يتم في ظل وجود «الشللية» في الإدارة، بمعنى تصادق هذه الأورام مع بعضها البعض، التي شكلت خلاياها وانتشرت في كل أنحاء تلك المنظمة، لتجعلها بيئة مريضة، ومن لم يستطع التعايش بينهم إما أن يُغلب على أمره ويسيطر عليه المرض الخبيث، أو يهرب من المنظمة خوفا من أن يطاله شيء من ذلك السرطان.
رحم الله غازي القصيبي عندما قال في كتابه «حياة في الإدارة»: لا شيء يقتل الكفاءة الإدارية مثل تحول أصحاب «الشلة» إلى زملاء العمل.
تعليقات
إرسال تعليق