رئيس ينتهج شعار فرعون
من مظاهر الاستبداد التي تنطبق على الكثير من الرؤساء، ما ورد في القرآن الكريم من مخاطبة فرعون لقومه، وهو يهديهم لسبيل الرشاد «قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد» هكذا تكون عيون المستبد، عندما يتحكم في مرؤوسيه ويريدهم أن ينفذوا توجيهاته، وأن يغمضوا أعينهم ولا يرون إلا ما يراه وما يريده.
كم يحزنني ذاك المرؤوس الذي كاد -في أحد الأيام- يعلق برأيه ويعبر عن وجهة نظره حيال إحدى المتطلبات التي كلفه بها رئيسه، وما أن نطق بأول كلمة، إلا أن عيني ذاك الرئيس جحظت وبرزت أنيابه واستشر واقفا حتى يسكت ذلك المغلوب على أمره، وبالتالي استطاع بتلك الحركات أن يسكته.
ماذا عليك أن تفعل حيال هذا الرئيس المتسلط الذي انتهج شعار فرعون في فكره ومارسه في مؤسسته؟ يريدك أن تغمض عينيك وتعيش في عصره وأن تنتهج مبدأ «لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم» إلا ما تراه، وأن تكون مرؤوسا بلا صوت، يفرض عليك آراءه وأفكاره حتى توقع له على بياض، حتى يتصرف فيك ذاك الرئيس كوصي على شؤونك، وإن خالفته وقعت الطامة الكبرى عليك، وحظرك من الوجود.
لقد تناسى ذلك الرئيس قول الله تعالى «وأمرهم شورى بينهم» إن وجهات النظر لا تعرض إلا بالحوار والتفاهم، واحترام وتقدير تلك العقول التي يديرها، والقدرة على تقبل الآراء حتى وإن خالفته في فكره، وقد أغفل أن في اختلاف العقول ثراء.
هذا الأسلوب الفرعوني الذي تبناه ذلك الرئيس يجب أن يُقمع حتى لا يتجاوز حدوده، وعليه أن يراجع عقله ويشاور غيره حتى يرى أفكار الآخرين من حوله، وأن يعرف أنه ليس صاحب القرار المطلق في مؤسسته، وأن السلطة التي اؤتمن عليها مسؤولية عظيمة، تنكشف فيها أخلاقه ومبادئه وقيمه في أول يوم من توليه هذا المنصب، يقول مونتسكيو: إذا أردت أن تعرف أخلاق رجل، فضع السلطة في يده، ثم انظر كيف يتصرف.
تعليقات
إرسال تعليق