فقاعات الصابون مقال الدكتورة أروى أخضر
صحيفة آراء سعودية
العدد 517
صحيفة آراء سعودية
العدد 517
كثير من مشاهد الحياة التي نعيشها تشبه فقاعة الصابون, ذلك المنظر البراق
الجميل وأنت تشاهد فقاعات شفافة تتصاعد , والتي تدوم لبضع لحظات متطايرة في الهواء
قبل أن تتلاشى برذاذ خفيف وفرقعة كأنها لم
تكن .
تدعي بعض المؤسسات الكثير
من الانجازات التي تشبه هذه الفقاعات تسمع مسميات ومشاريع ومبادرات يعلنون عنها
ويتغنون بها, ثم تبحث عنها فلا تجدها , (أسمع
جعجعة ولا أرى طحناً), يطلق عليها البعض ب "إنجازات المناسبات", لكونها
مشاريع وقتية هشة في بُنيتها ضعيفة سرعان ما تنتهي, زائفة أمام متطلبات واحتياجات الواقع
المرير .
وبتحليل تلك المشاريع الفقاعية المتطايرة في سماء الفراغ, نجد أن هناك
العديد من الأسباب التي جعلتها هكذا ,فقد يكون الهدف من إطلاق هذه المشاريع أو المبادرات
هو رصد إنجازات متعددة في حقبة زمنية أو فترة ارتبطت بمدة بقاء قائد المؤسسة في المنصب
الذي كُلف به , حتى يُقال عنه قبل أن يغادر هذه منجزات فلان أو أنها قد تكون ناتجة
عن اختيارات غير موفقة منجذبين نحو الأسماء الرنانة, والتي لا تُشكل أولوية ملحة
أو قد ترتبط بالجانب الكمي متغافلين عن الجانب النوعي لها, بغرض زيادة نسبة
الانجازات بارتفاع عددها... إلى ما غير ذلك من المبررات المختلفة الأخرى .
نحن لسنا ضد المنجزات أو المبادرات التي تتبناها أي مؤسسة حتى لا
يُساء الفهم في ذلك , والجميع يطمح إلى مزيد من الإنجازات الحقيقية , بل نريدها أن
تكون أفعال على أرض الواقع ,ليست فقاعات صخب بلا فائدة أو ضجة فارغة , نريد أن تحقق مصلحة محددة لخدمة
الفئة التي تستهدفها , لا أن تكون منجزات إسمية فقط.
لقد غرق المجتمع في فقاعات المنجزات الوهمية التي ملأت
أركان وحوائط مؤسساتها بمسميات براقة , وعناوين جذابة , وحينما تُبحر في داخلها,
تجد فراغاً صامتاً خالياً مما سمعت , وهنا نتذكر هنا قول الأحنف بن قيس "لا
خير في قول بلا فعل...
إن الواقع الحالي الذي نعيشه يفرض علينا أن تكون منجزاتنا ومشاريعنا إبداعية
تساهم في اقتصاد المعرفة , متواكبة مع رؤية المستقبل , متواكبة مع مستجدات العصر
الحديث, متنوعة الخيارات والفرص , منفتحة في أفقها على الاستثمار الواسع, متوجهة
إلى كل فئات المجتمع.
تعليقات
إرسال تعليق