التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقال هل سينطق أبو الهول يوما؟ بقلم الدكتورة أروى أخضر

مقال هل سينطق أبو الهول يوما؟

بقلم الدكتورة أروى أخضر

صحيفة آراء سعودية
العدد 503 مايو 2020

من منا لا يعرفُ «أبو الهول» الرمزَ الغريبَ على وجهِ الأرضِ، الذي بُنِيَ وسط الأهرامات، رمزَ الحضارةِ الفرعونيةِ، وبغضِ النظرِ عن هيبتِهِ والغموضِ الذي يحيطُ به أو عن المكنونات الخفيةِ التي يدلُ عليها أو الشخصيةِ التي يمثلها، فإن ذلك التمثالَ الصامتَ الذي يتأسدُ المكانَ بجسمِهِ، ويكون الرأس الذي يمثلُ الحكمةَ بعقله، قد يشبه ذلك القائدَ الصامتَ وسطَ الموظفين، الذي يحملُ أسرارا لا يبوحُ بها لهم، ويكون غيرَ مشاركٍ وغيرَ موجِّهٍ، أو محفزٍ، يحملُ كل ما يحملُ من أفكارٍ وأعمالٍ بداخل رأسه، ولا نرى سوى جسدِهِ بالمكان.
إنني أتساءل: هل سينطق أبو الهول يوما ما؟ وإن نطق فماذا تعتقدون أنه سيقول؟
إن ذلك الكلامَ المنتظرَ من «أبو الهول» لن يأتي يوما من الأيامِ، وهو رابعُ المستحيلات أن نسمعَ صوتَ «أبو الهول» وكذلك هذا النوعِ من القيادات الصامتة، التي تتأسد المكانَ بأجسادها، وصاحبُ تلك الشخصيةِ المنغلقةِ الغامضةِ، يعملُ بفكرِهِ وحيدا دونَ مشاركةِ الآخرين، هو شخصٌ غير متفاعلٍ، مجردٌ من الأحاسيس والمشاعر، حتى لو حاولت أن تتأقلمَ معه، فلن تعرف كيف تتعاملُ معه! ليس قصورا منك بل لأنه اتخذ مبدأَ القيادةِ بالكتمانِ، فكيف تتعاملُ مع شخصٍ لا يبوحُ لك بأهدافِ تلك المنظمةِ أو خططِها أو ما تنوي القيامَ به؟
إن هذا النوعَ من أساليبِ إدارةِ المنظماتِ يُحكَمُ عليها بالفشلِ سريعا، فلا يوجدُ ما هو سرٌ أو استقصاءٌ في بيئاتِ تلك المنظماتِ، ولا ينبغي أن تُعزَلَ العلاقاتُ الإنسانيةُ في الإدارةِ الناجحةِ، لذا إن كنت أحدَ هؤلاءِ الضحايا تحت القيادات المتأسدة، عليك أن تعيشَ حياةً سعيدةً «وحتى تعيشَ حياةً سعيدةً فاربطها بأهدافٍ وليس بأشخاصٍ أو أشياءَ» كما يقول ألبيرت أينشتاين، لذا فإنه ليس من الضروري أن تنتظرَ تحفيزَ وتفاعلَ هذا القائد معك، كما أنه ليس من الضروري أن تنتظر بَوحَهُ لك عن أهدافِهِ لتلك المنظمة، ليس لك سوى أن تطورَ من أدائِك، وتعملَ بما يجب أن يكون ضمنَ مهامِك وصلاحياتك.
وكما يقول شارلي شابلن «لكي تعيشَ عليك أن تتقنَ فنَ التجاهلِ باحتراف» فعندما يعجزُ لسانُكَ عن محاورتِه لصمتِهِ، حينها أتقن تَجَاهُلَ أفعالِهِ، ولا تهابه أبدا، لأنه كشفَ عن هُويَّتِهِ دون أن يبوحَ بها فهو كالتمثالِ صامتٌ في وسط المجموعات، يثيرُ دهشةَ الجميع، يلفت انتباهَهم لغرابته، تكثرُ الأساطير حول غموضِهِ وسلبيتِهِ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقال "لا تكن ببغاء" للدكتورة أروى أخضر

مقال "لا تكن ببغاء" للدكتورة أروى أخضر صحيفة آراء سعودية العدد 335 لسنة 2019 لا تكن ببغاء د. أروى علي أخضر دكتوراه الفلسفة في الادارة التربوية مشرفة عموم بوزارة التعليم نتفق جميعنا على أن الببغاء طائر يتمتع بشكل جميل وجذاب ذو ألوان زاهية, ذكي اجتماعياً, من أهم ما يميزه مهارته في  التقليد وترديد كلام الناس بأصوات متعددة ومتنوعة كذلك يعتبر من الطيور المسلية لقدرته على الغناء. هناك نماذج من الشخصيات الانسانية أخذت الببغاء قدوة لها رغم ان ما يميز الانسان عن الحيوان هو رجاحة عقله, لذا يُعاب على الانسان أن يكون "شخص ببغائي" ويقلد ما يقوله الآخرين  بمعنى أنه يردد مصطلحات وعبارات لا يعي ولا يفهم معناها , قد يكون سمعها أو قرأها ثم حفظها , ليتباها بها أمام الآخرين , وكأنه يجاريهم حتى ينبهروا بمصطلحاته وكلماته الجذابة, ويعتقدون أنه قد أصبح يعي ما يتحدث به. هذا الانسان الببغائي أخذ الحفظ والتقليد مسار حياة له كإجادة الببغاء للأصوات المتعددة, بعد التلقين المستمر, وأصبح يعيش بلا هوية حقيقة تمثله؛ لأنه تبنى كلام بعقل ببغائي فهو لا يمثله وليس له إنما أقحم نفسه ...

⁩ مقال الدكتورة أروى أخضر بعنوان الخدمات التربوية لذوي زارعي القوقعة بوزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية في العدد(٥٤) من مجلة آفاق

‏⁦ @afaq_mag ⁩ مقال الدكتورة أروى أخضر بعنوان الخدمات التربوية لذوي زارعي القوقعة بوزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية في العدد(٥٤) من مجلة آفاق  http://gesten.ksu.edu.sa/sites/gesten.ksu.edu.sa/files/imce_images/54_0.pdf ‏⁧#مجلة_آفاق⁩  ‏⁧#جستن⁩

حرك النرد وخذ فرصتك بقلم د. اروى أخضر

 حرك النرد وخذ فرصتك بقلم د. اروى أخضر  صحيفة آراء سعودية   في كل محطة من محطات الحياة تكون هناك لك فرصة فيها ، وهناك فرص متعددة مطروحة أمام كل شخص ، ولكن القليل من ينتهزها . ابحث عن الفرص أينما كُنت كي تستثمرها "حرك النرد وخذ فرصتك منها" Roll the Dice" " قيل هذا المثل للاقدام وانتهاز الفرص في هذه الحياة ويقول المثل "حرك النرد إذا كنت ستحاول المضي قدمًا وإلا فلا تبدأ" وعندما تواجهك موجات من التقلبات في هذه الحياة لا تفقد الأمل عند غياب الفرص، ، الحمد لله على نعمة الايمان وأملنا بالله تعالى بأنه قادر على أن يبدل حالنا إلى الأفضل في كل موجة من موجات هذه الدنيا. وكما أن للزهرة ست أوجه , وكل وجه يحمل عدد معين من النقاط ، والذي يعبر عن رقم محدد ، ففي كل مرة تحرك النرد تبحث لك من خلالها عن فرصة جديدة ، إن تحريك النرد فيها نوع من المتعة والمنافسة الشريفة وتعمل على تنشيط العقل حتى تجد الفرصة . إن تحريك النرد في كل مرة ، يمنحك رقماً مختلفاً فاستثمر كل فرصة ممنوحة لك ، كما أن هذا التحريك قد يتطلب منك تعديل طفيف أو انحراف بسيط عن المسار الذي تسير عليه ، و...