«ديتول وكمامة» مقال أروى أخضر
صحيفة آراء سعودية 29 مارس، 2020
أدت أزمة انتشار فيروس كورونا إلى الإقبال المتزايد على استخدام المعقمات كالديتول وارتداء الكمامات الواقية، ومن المعروف أن سائل الديتول يعقم ويطهر الأيدي وارتداء الكمامة يقي من الأمراض والأوبئة.
ونستشف من ذلك أن الانسان بحاجة دومًا إلى تطهير جسمه من بعض الرواسب أو الأتربة أو البكتريا الضارة المتعلقة به.
إن التخلص من المواد الضارة والترسبات تقي الإنسان من الأمراض وتحافظ على صحته بإذن الله، وقد حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على طهارة الجسد والقلب، وجعلها شرطًا لكثير من العبادات.
والطهارة تعني النظافة والنزاهة والنقاء والبراءة والتخلص من الأدناس سواء كانت حسية أو معنوية، ويرتبط الجانب المعنوي في الطهارة بالسلوك الحسن والأخلاق الحميدة، لذا وجب علينا مراقبة تفكيرنا لأنها ستحدد سلوكنا ومشاعرنا.
راقب أفكارك لأنها ستتحول إلى كلمات ثم أفعال ثم عادات، والعادات إلى سلوك وستكون هي البوصلة التي ستحدد مصيرك.
إن مراقبة السلوك تتطلب مزيدًا من التبصر والتأمل في أنفسنا وفي أقوالنا وأفعالنا، وإن تهذيب النفس البشرية وتزكيتها من أهم قواعد الأخلاق، قال تعالى «قد أفلح من زكاها» وللقرآن الكريم أثر بالغ في ذلك حتى لا نقع ضحية أمراض القلوب، وقد طهر الله النفوس المؤمنة بالإيمان وعلم الإنسان أن يربي روحه، وسميت بـ«التربية الروحية» بغرض تكوين القيم الروحية في قلبه المؤمن، وهذه التربية لا تكون إلا من خلال التدبر والتفكر في معاني القرآن الكريم وفي قوله عز وجل «لعلكم تتفكرون».
إن استخدام الديتول والكمامة قد يكون وقتيًا أو الدوام عليهما لحظة ظهور مرض معين، فالتعقيم والطهارة الدائمة ستزول بزوال العرض، بينما تعقيم النفس البشرية التي تسكن الجسد يفرض النقاء والصفاء من الداخل قبل الخارج، من القلب والعقل معًا.
وقع حوار بين القلب والعقل في توجيه وتهذيب النفس البشرية، عجز القاضي عن محاكمتهما لأن كلاهما كان له دور رئيس في هذه المعادلة، فالقلب اعتنى بجانب التهذيب والترويض، بينما كان دور العقل هو ضبط السلوك الصادر من هذه النفس، فانتهت المحاكمة والقاضية بالتعادل بينهما.
أيها القارئ الكريم، داوم على ترويض نفسك وتطهيرها من الغل والحقد وكراهية الناس ولا تجعلها ديتول وكمامة وتنتهي في لحظة من اللحظات.
تعليقات
إرسال تعليق