المرآة الكاذبة بقلم الدكتورة أروى اخضر
صحيفة آراء سعودية / زاوية تربية
العدد 426
1 مارس 2020
في كل يوم أقود فيه
سيارتي تتكرر كذبات مرآتي الجانبية , حيث أنها لا تعكس لي الصورة الحقيقية لمن في
خلفي , وقد كُتب عليها عبارة "إن الأجسام تبدو أقرب مما هي على الواقع" هذه
المرآة قد نبهتنا إلى أنها غير صادقة ؛لذا قررت أن أتعامل مع هذه المرآة الكاذبة
بحذر حيث أعتمد على التفافي للخلف كلما أردت الانتقال من مسار إلى آخر , وذلك لمتابعة
طريقي وحرصاً مني على معرفة مسافات الأجسام بشكل صحيح والابتعاد ما أمكن عن تشويه الصورة
الحقيقية.
في الواقع أنا لا ألقي اللوم على هذه المرآة لأنها اعترفت لنا بعدم واقعيتها
وكتبت على جبهتها , ولكن ألوم البشر , هؤلاء الذين لديهم قدرة واسعة على التلون
بوجوه زائفة بمهارة وفن . احذر هؤلاء فلا تصاحب من كثرت أقنعته وتنوعت أدواره حيث أكد
علماء النفس السلوكي أن النفاق تعبير داخلي عن اضطراب نفسي للشخص يحوله إلى شخص
غير واضح وغير محب التعامل معه علي المدي البعيد لسنوات عديدة
أكثر ما يثير صمتي في وقتنا هذا هو نفاق البشر الذي يتمثلون به, أصبحت رائحة تفوح في كل مكان , أقرأه في العيون
وأصمت من كثرة الذهول , بدأت أشك أن القيم المثلى تلاشت , فهل انتزعت القيم منهم
أم أنها لم تغرس بشكل صحيح.
كرهت المتلونين والمنافقين ,حديثهم شيء وحقيقتهم شيء آخر, يظهرون خلاف
ما يبطنون، البعض يعتبره نفاق اجتماعي و البعض الآخر يعتبره نوع من أنواع
المجاملة .هناك مثل يقول "نافق تجد ألف مرافق" ولكنه آفة العصر؛ لأنه
أفعال لا أخلاقية حيث لا يدرك المنافق خداعه لأنه يكذب بصدق ويبالغ فيه.
عرفت أن مرآتي أصدق منهم ولم تكن كاذبة لأنها حذرتني بعدم مصداقيتها ؛
إلا أن البشر ما زالوا يتنقلون بأقنعتهم بين الناس , "يأكلون مع كل ذئب
ويبكون مع كل راعي".
يقول الامام الشافعي "ولا خير في ود امريء متلون إذا الريح مالت,
مال حيث تميل , وما أكثر الأخوان حيث تعدهم ولكنهم في النائبات قليل"
تعليقات
إرسال تعليق