مقال الخياط للدكتورة أروى اخضر
صحيفة آراء سعودية / زاوية تربية
العدد 367
2 يناير 2019
يستخدم الخياط الإبرة ونحوها في الخياطة، وهي صنعة بها مهارة، قال تعالى {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} أي في ثُقْب الإبرة، وهذه تحتاج إلى خيَّاط ماهر.
الخياطة هي مهنة الصابرين، قال تعالى في سورة الأنبياء {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين} وأن أول من عمل بها هو النبي إدريس -عليه السلام- فقد وهبه الله تعالى مهنة الخياطة وقد علم الناس في زمنه هذه المهنة العظيمة، قال تعالى {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ}، ويخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن إدريس «أنه أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس الملابس المخيطة».
إن العبرة في حديثنا السابق هو أننا يجب أن نتفكر كثيرًا ونبني قراراتنا في كل مرة على ما لدينا من معطيات وحقائق من الواقع، فالطبيب إذا رغب أن يعرف درجة الضغط، يقيسه في اللحظة التي يدخل له المريض في عيادته، وكذلك الحال في قياس نسبة السكر فهو لا يعتمد على القياسات السابقة المدونة في سجل المريض أو على آخر نتيجة يذكرها له المريض، وكذلك مهنة الخياط ففي كل مرة يريد أن يخيط الملابس يأخذ الخياط مقاسك من جديد وهذا هو التصرف العقلاني الذي يجب أن يكون.
يقول جورج برناردشو: الشخص الوحيد الذي أعرفه ويتصرف بعقل هو الخياط فهو يأخذ مقاساتي من جديد، في كل مرة يراني فيها، أما الباقون فيستخدمون مقاييسهم القديمة، ويتوقعون مني أن أناسبها.
وفي سياق المنظمات إذا أرادت منظمة النجاح عليها أن تضع خططها وأهدافها بعقلانية، من خلال العمل الجاد الموجه مع تجزئة هذه الأهداف إلى أجزاء صغيرة يمكن قياسها، لأنها السبيل لتحقيق النجاح.
إن رسم حياة المنظمة يُحتم عليك أيها القائد قياسها مرارًا وتكرارًا، وفي كل مرة تخطو خطوة عليك أن تعاود القياس حتى تتحقق من ملاءمتها وانسجامها مع التغييرات الطارئة ومع ما تصبو إليه المنظمة.
كما أن التعامل مع الناس في المنظمة يفرض توزيع المسؤوليات والمهام وفق الأشخاص المناسبين، فالتعامل والتواصل يمكن تشبيهه أيضًا بالخياطة من جهة أخرى «فأنت – أيها القائد – الخياط وكلامك الإبرة، إن أحسنت الخياطة صنعت ثوبًا جذابًا غاليًا، وإن أخطأت لن تجرح إلاّ نفسك، وتفني منظمتك، وتفقد موظفيك».
تعليقات
إرسال تعليق