التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل أنت بعبقرية نيوتن؟ بقلم الدكتورة أروى اخضر

صحيفة آراء سعودية
العدد 279
هل أنت بعبقرية نيوتن؟ بقلم الدكتورة أروى اخضر

استوقفتني تغريدة للاستاذ منصور سمار الجابري في عبارة قد كتبها "إذا كنت مؤمن بما تقدمه فلا تتوقف عند آراء الآخرين" فقد ذكر أنه عندما ألف نيوتن كتابه (المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية ) وضمنه قوانين نيوتن , لم تتحمس الجمعية البريطانية لطباعته أول الأمر , بل فضلت عليه كتاباً عن تاريخ الأسماك , ثم تبين بعد ذلك أنه أعظم كتاب علمي ألفه إنسان.
وإذا قرأنا عن اسحق نيوتن لتأملنا عبقريته المكنونة , ولتعلمنا العديد من الدروس المتعلقة بشخصيته, سمعنا أن نيوتن عبقري ولكنه غريب الأطوار, وشخصية شديدة التعقيد,  وانه كان يفضل العيش وحيداً, ويصعب عليه التفاعل مع الآخرين,  حياته غريبه رغم نجاحاته العلمية وتفوقه في الفيزياء والرياضيات , كان يتعامل مع الأمور فلسفياً, اهتم بعلم البصريات , لديه أفكار واكتشافات غيرت الكثير من المفاهيم والمعتقدات العلمية , وأخيراً اعتقد أنه أصيب بمتلازمة اسبرجر.
ورغم كل الخصائص الشخصية لدى نيوتن إلا أنه أثبت وفرض للعالم أجمع قوانينه ونظرياته , هذا ما يدفعني إلى أن أؤكد للمجتمع أهمية التريث في الحكم على الآخرين وخصوصاً عند تكوين الصورة الأولى للشخصية الانسانية, بغض النظر إن ثبت أن نيوتن كان مصاباً بالتوحد أو أي متلازمة أخرى وينطبق ذلك على ضرورة منح الفرص للأشخاص من ذوي اضطراب التوحد في الحكم عنهم, فالجميع يعلم خصائصهم وقدراتهم ومواهبهم المكنونة الدفينة , وتكمن الركيزة الأساسية في البحث عن مواهبهم واكتشافها, مع التحلي بالصبر في مواقف الفشل المتكرر.
ولو تأملنا ما قيل عن "نيوتن" نجد أننا يجب أن نغير من بعض مفاهيمنا المجحفة نحوهم, وعن الهالة الكبرى التي ظلمت أطفالنا من ذوي اضطراب التوحد, فقد انتمى نيوتن إلى عائلة من الزارعين , ولكنه لم يفضل الزراعة , كما أنه عُرف عنه بحبه للكيمياء وبراعته في الرياضيات والفيزياء , ويعني ذلك أنه لو أُجبر نيوتن على أن يكون مزارع لما وصل إلى ما هو عليه , وهنا علينا أن نتدارك الأمر مع أطفالنا وأن نترك لهم مساحة واسعة وحرية تقرير المصير لهم ولذويهم في اختيار المهنة الملائمة لميولهم وعدم فرض تخصص محدد لهم في التعليم أو مجال كالمسار المهني أو الحرفي فقط , فقد برع اسحق نيوتن في التخصصات العلمية.
ألا يحق لنا بعد ذلك أن نتساءل لمن يحجم نظرته عن الأشخاص ذوي اضطراب التوحد ولمن يهاجمهم ويتضجر من تصرفاتهم.... هل أنت بعبقرية نيوتن؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقال "لا تكن ببغاء" للدكتورة أروى أخضر

مقال "لا تكن ببغاء" للدكتورة أروى أخضر صحيفة آراء سعودية العدد 335 لسنة 2019 لا تكن ببغاء د. أروى علي أخضر دكتوراه الفلسفة في الادارة التربوية مشرفة عموم بوزارة التعليم نتفق جميعنا على أن الببغاء طائر يتمتع بشكل جميل وجذاب ذو ألوان زاهية, ذكي اجتماعياً, من أهم ما يميزه مهارته في  التقليد وترديد كلام الناس بأصوات متعددة ومتنوعة كذلك يعتبر من الطيور المسلية لقدرته على الغناء. هناك نماذج من الشخصيات الانسانية أخذت الببغاء قدوة لها رغم ان ما يميز الانسان عن الحيوان هو رجاحة عقله, لذا يُعاب على الانسان أن يكون "شخص ببغائي" ويقلد ما يقوله الآخرين  بمعنى أنه يردد مصطلحات وعبارات لا يعي ولا يفهم معناها , قد يكون سمعها أو قرأها ثم حفظها , ليتباها بها أمام الآخرين , وكأنه يجاريهم حتى ينبهروا بمصطلحاته وكلماته الجذابة, ويعتقدون أنه قد أصبح يعي ما يتحدث به. هذا الانسان الببغائي أخذ الحفظ والتقليد مسار حياة له كإجادة الببغاء للأصوات المتعددة, بعد التلقين المستمر, وأصبح يعيش بلا هوية حقيقة تمثله؛ لأنه تبنى كلام بعقل ببغائي فهو لا يمثله وليس له إنما أقحم نفسه ...

⁩ مقال الدكتورة أروى أخضر بعنوان الخدمات التربوية لذوي زارعي القوقعة بوزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية في العدد(٥٤) من مجلة آفاق

‏⁦ @afaq_mag ⁩ مقال الدكتورة أروى أخضر بعنوان الخدمات التربوية لذوي زارعي القوقعة بوزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية في العدد(٥٤) من مجلة آفاق  http://gesten.ksu.edu.sa/sites/gesten.ksu.edu.sa/files/imce_images/54_0.pdf ‏⁧#مجلة_آفاق⁩  ‏⁧#جستن⁩

حرك النرد وخذ فرصتك بقلم د. اروى أخضر

 حرك النرد وخذ فرصتك بقلم د. اروى أخضر  صحيفة آراء سعودية   في كل محطة من محطات الحياة تكون هناك لك فرصة فيها ، وهناك فرص متعددة مطروحة أمام كل شخص ، ولكن القليل من ينتهزها . ابحث عن الفرص أينما كُنت كي تستثمرها "حرك النرد وخذ فرصتك منها" Roll the Dice" " قيل هذا المثل للاقدام وانتهاز الفرص في هذه الحياة ويقول المثل "حرك النرد إذا كنت ستحاول المضي قدمًا وإلا فلا تبدأ" وعندما تواجهك موجات من التقلبات في هذه الحياة لا تفقد الأمل عند غياب الفرص، ، الحمد لله على نعمة الايمان وأملنا بالله تعالى بأنه قادر على أن يبدل حالنا إلى الأفضل في كل موجة من موجات هذه الدنيا. وكما أن للزهرة ست أوجه , وكل وجه يحمل عدد معين من النقاط ، والذي يعبر عن رقم محدد ، ففي كل مرة تحرك النرد تبحث لك من خلالها عن فرصة جديدة ، إن تحريك النرد فيها نوع من المتعة والمنافسة الشريفة وتعمل على تنشيط العقل حتى تجد الفرصة . إن تحريك النرد في كل مرة ، يمنحك رقماً مختلفاً فاستثمر كل فرصة ممنوحة لك ، كما أن هذا التحريك قد يتطلب منك تعديل طفيف أو انحراف بسيط عن المسار الذي تسير عليه ، و...