مقال
الدكتورة أروى أخضر
"القبعة الأنثروبولوجية"
بقلم الكاتبة/ د. أروى أخضر 📝
@arwaakhdar
#المجتمع_الوظيفي
القبعة الانثروبولوجية : مدرسة العلاقات الانسانية
د. اروى أخضر
مشرفة عموم بالادارة العامة للتربية الخاصة بوزارة التعليم
إن كان ديبونو قد كتب
عن قبعات التفكير الست , فسأكتب عن "القبعة الانثروبولوجية " , فكرت أن
اكتب عن هذا الموضوع بعد أن صادفت احدى الزميلات وهي تحدثني بكل صدق وشفافية عن
واقع تعيشه من احتراق نفسي, وعلاقات شخصية تنافسية تسود في البيئة التربوية , وضعف
قائدة المؤسسة عن ادارة وتغيير المناخ السائد ؛ رغم أنها أثنت عليها كثيراً من حيث
دعمها للجميع.
"القبعة الانثروبولوجية
" ما هي إلا قطعة غطاء للرأس يرتديها المشرف لأداء مهمته الأساسية بحكم منصبه
الوظيفي فترة الجولات , أو أثناء المداولة الاشرافية... ولكن الدور الحقيقي للمشرف
التربوي الذي يرتدي هذه القبعة لا يقف عند هذا الحد, بل يتعداه بكثير... ولن أتطرق
لمهامه وأدواره وكفاياته , بل سأركز في حديثي عن فن إدارة الأفراد والعلاقات
الانسانية وتأثيرها الايجابي في رفع هذا الاحتراق.
الانسانية هي فلسفة
أخلاقية تركز على قيمة وكفاءة الانسان ومدى احترام الفرد للبشر, والعلوم الانسانية
تسمى "بالعلوم المعنوية" بمعنى أنها تدرس واقع الانسان وتتناول تفاعلاته
المختلفة وتسعى إلى ضبط طبيعته.
كما أن العلاقات
الإنسانية الإيجابية ليست مجرد خبرة واحساس يكتسبها الفرد من خلال الممارسة بل
أصبحت علماً في فن التعامل مع الأفراد والجماعات وإدارتهم ورفع روحهم المعنوية,
وتخفيف حدة المعاناة النفسية , كما تركز العلاقات الانسانية على السلوك الانساني
في بناء هذه العلاقات الإيجابية مع الاخرين,
والمشرف
"الانساني" هو من يتسم بقيم
ومثل الأخلاق الاسلامية أولاً , ويحترم الانسان لشخصه ثانياً,
إن المشرف الانساني
هو من يجيد فن الاتصال ويغذي الجماعة بخبراته وتقديراته الصحيحة للأمور مُطبقاً لمباديء
العلوم الانسانية ليكسب ثقة من حوله ؛ويصل بهم إلى أفضل كفاية انتاجية.
إن من يتولى مهمة
الاشراف التربوي وتحقيق أهدافه
ينبغي أن يعرف كيف يرتدي هذه القبعة , وهي لا تكمن في زيارة مدتها
ساعة أو ساعتين , بل من خلال معايشة حقيقية لهذا المجتمع المدرسي بحيث يدرس السلوك
البشري من جميع جوانبه الطبيعية والسيكولوجية والاجتماعية ؛ ليدرك العلاقات والثقافات
والقيم , وهو من يبحث عن المعلم المتميز
ليدعمه, ويبحث عن المعلم الأقل أداءاً ليثريه , ويبحث عن المعلم المُحبَط ليرفع من
معنوياته ويشبع من حاجاته,
وتتعدد القصص الانسانية
الرائعة والمواقف الداعمة التي يطبقها المشرف وهو يرتدي قبعته الاشرافية من خلال
دعمه وتحفيزه وتوضيحه للأدوار ومعالجة المشكلات وسبل المساندة التي يقدمها حتى يرفع
من الانتاجية والحماس في البيئة التربوية , وهذا ما أكدته نظرية هرزبرج في العلاقة
بين مشاعر العاملين وإنتاجيتهم.
إن من يرتدي القبعة
الاشرافية يقدر قيمة الذكاء الفني , ويتحلى بقيمة الذكاء الاجتماعي الذي يعمد إلى
بناء العلاقات الانسانية لصالح زملاء العمل ؛ لأن الاتصال هو غذاء العلاقات
الانسانية, ويمكن أن نلخص أشكال العلاقات الانسانية التي يمكن أن يمارسها المشرف
التربوي في الصداقات الايجابية المخلصة , بث روح التعاون والتنافس الشريف, تكوين
القيم المرغوبة وتكوين الاتجاهات والآراء وتوجيهها , تغليب المنطق على الانفعالات.
ويشير "ستيف
ديك" إلى أن العلاقات الانسانية تتعدى أكثر ما ذكر , فإنها تحمل معنى أن
يشترك الزملاء مع الرؤساء في العمل تجاربهم الحياتية , وأن يتحدثوا عن مشاعرهم وعن
صداقاتهم , وحتى عن حياتهم العائلية, وفي ذلك تنظيم للتعامل بين الزملاء في
المجتمع المدرسي.
إن العلاقات
الانسانية تستلزم تعلم "الفلسفة البشرية" ومهارة "الادارة بالخلاق"
والقيم التي تمثل أهم ركائز ومتطلبات العمل الاشرافي , ونحن اليوم في أمس الحاجة
لها أكثر من أي وقت مضى؛ لأننا نعيش مرحلة تطويرية جديدة , ونحتاج إلى كل ما يتعلق
بنظريات الفلسفة الأخلاقية من سعادة وحرية ومسؤولية وهذه من أخلاق "البراجماتيوون"
, حيث اعتقد "جون ديوي" أن بعض المجتمعات قد حققت تقدماً أخلاقياً بقدر
ما حققته من تقدم في مجال العلوم.
تعليقات
إرسال تعليق